الفساد يغذي الصراع المستمر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحسب مؤشر مُدرَكات الفساد (CPI) لعام 2022
منذ عام 2017 لم يُحرِز أي بلد تقدمًا ملحوظًا في مكافحة الفساد
برلين، 31 يناير 2023 - يُظهر مؤشر مُدرَكات الفساد (CPI) لعام 2022 الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية اليوم انتشارًا للفساد في جميع أنحاء العالم - ولا يُستثنى من ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حتى الدول العربية الثلاث التي سجّلت أعلى من 50 نقطة على المؤشر - الإمارات العربية المتحدة (67) وقطر (58) والمملكة العربية السعودية (51) – أظهرت بوادر تراجع في مؤشر مُدرَكات الفساد لهذا العام.
منذ أكثر من عقدٍ من الزمان، بدأ الربيع العربي عندما شعر محمد البوعزيزي بالإحباط الشديد من عدم المساواة والفساد في الحكومة التونسية لدرجة أنه أشعل النار في نفسه. بشكلٍ مأساوي، فشلت حركة الربيع العربي في تفكيك هياكل السلطة التي تسمح لمن هم في القمة بالاحتفاظ بالهيمنة. بدوره، يتسبب الفساد السياسي المُستشري في استمرار الاضطرابات المدنية والعنف في منطقةٍ تُعدّ موطنًا للعديد من النزاعات الأكثر دموية في العالم. حتى في البلدان الأكثر استقرارًا، تُخصِّص الحكومات ميزانيات كبيرة للأمن والدفاع وخصوصا لتمويل النزاعات في بلدان أخرى مع قلة وجود الرقابة العامة - ولا سيما إنفاق دول الخليج في اليمن (16). ويشكل هذا النوع من عدم الاستقرار والاستحواذ على السلطة بوابة ترسخ الفساد وتغذي الاستبداد والعنف.
وبحسب كندة حتر، المستشارة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة الشفافية الدولية:
"أصبح الفساد السياسي مُستشريًا في المنطقة العربية، بحيث تسعى الحكومات للاستحواذ على السلطة وتقييد الحقوق والحريات العامة، وإثارة الاضطرابات المدنية وتوجيه الموارد بعيدًا عن آليات مكافحة الفساد وأُطُر النزاهة السياسية. وإلى أن يُعزِّز القادة الجهودَ لحماية حقوق الناس واحترام صوتهم في جميع أنحاء المنطقة، فإن دوامة الفساد والعنف المُميتة ستستمر في التصاعد".
المعالم البارزة لنتائج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يُصنِّف مؤشر مُدرَكات الفساد 180 بلداً وإقليماً من خلال مستوياتها المُدرَكة لفساد القطاع العام على مقياس من صفر (شديد الفساد) إلى 100 (نظيف جداً).
انخفض متوسط درجات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لهذا العام إلى 38، وحصلت 80% من بلدان المنطقة على درجة أقل من 50.
- تقود الإمارات العربية المتحدة (67) وقطر (58) الدول العربية في مجموع النقاط، غير أن كليهما آخذٌ في التراجع، حيث تحوّل العديد من دول الخليج إلى القومية المُفرطة والمزيد من التضييق لمساحة المجتمع المدني .
- سجّلت البلدان التي مزقتها الحروب أسوأ الدرجات: ليبيا (17) واليمن (16) وسوريا (13).
- سجّلت قطر (58) ومصر (30) أدنى درجاتٍ لهما منذ أصبح مؤشر مُدرَكات الفساد قابلاً للمقارنة في عام 2012.
للاطلاع على النتيجة الفردية لكل بلد والتغيّرات بمرور الوقت، بالإضافة إلى تحليلٍ لكل منطقة، راجع تحليل المنطقة حسب مؤشر مُدرَكات الفساد لعام 2022 .
الفساد والصراع والأمن
بصفتها المنطقة الأقل سلامًا في العالم، تُجسِّد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيفية الارتباط الوثيق بين الفساد والعنف.
- في ليبيا (17)، أدّت عقودٌ من عدم المساواة والفقر والفساد إلى تأجيج التوترات أثناء الربيع العربي، ما أدى إلى وضعٍ أمني هشٍّ واستمرار الاضطرابات. والآن أصبحت الدولة عاجزة، ما يسمح لتفاقم درجة عدم المساواة واستشراء الفساد وتمكنه. لقد حرَم الغياب المستمر للاستقرار البلادَ من إجراء الانتخابات، ولم يترك مسارًا واضحًا للمُضيّ قُدُمًا.
- في تونس (40) ركّزت السلطة التنفيذية السلطات في يدها، فسيطرت على القضاء، وأغلقت مؤسسات مكافحة الفساد، واعتقلت المتظاهرين. شارك 11.2 في المائة فقط من الناخبين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ما أظهر عدم ثقة السكان في الحكومة مع استمرار تزايد التوترات والاضطرابات المدنية.
- الشكوى من الفساد كانت احد أسباب اندلاع الحرب الأهلية في اليمن (16) قبل ثماني سنوات. والآن، انهارت الدولة تاركةً ثلثي السكان بدون طعامٍ كافٍ - ما يشكّل واحدةً من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
تدعو منظمة الشفافية الدولية الحكومات إلى إعطاء الأولوية لالتزامات مكافحة الفساد، وتعزيز الضوابط والتوازنات، ودعم حق الوصول إلى المعلومات، والحد من النفوذ ، من أجل تخليص العالم أخيرًا من الفساد ومن العنف الذي يجلبه.
قال دانييل إريكسون، الرئيس التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية:
"إن النبأ السار هو أن القادة يمكنهم محاربة الفساد وتعزيز السلام دُفعةً واحدة. فيجب على الحكومات إتاحة مساحة كافية للشعب في صنع القرار م ومنهم النشطاء وأصحاب الأعمال لغاية الوصول إلى المجتمعات المهمشة والشباب. يمكن للناس في المجتمعات الديمقراطية رفع أصواتهم للمساعدة في استئصال الفساد والمطالبة بعالمٍ أكثر أمانًا لنا جميعًا".
ملاحظة للمحررين
تتضمن صفحة الإعلام تقرير مؤشر مُدرَكات الفساد لعام 2022، بالإضافة إلى مجموعة البيانات الكاملة، والمنهجية المُتَّبعة، والبيان الصحافي الدولي والتحليل الإضافي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. انظر: https://www.transparency.org/en/cpi/2022/media-kit
طلبات المقابلة
إذا كان لديك استفسارات حول بلد مُعيّن، يُرجى الاتصال بالفروع الوطنية لمنظمة الشفافية الدولية.
إذا كان لديك استفسارات حول النتائج الإقليمية والعالمية، يُرجى الاتصال بأمانة منظمة الشفافية الدولية: [email protected]
نبذة عن مؤشر مُدرَكات الفساد
منذ إنشائه في عام 1995، أصبح مؤشر مُدرَكات الفساد المؤشر العالمي الرائد لرصد فساد القطاع العام. يُسجِّل المؤشر النتائج لـ 180 بلداً وإقليماً حول العالم وفق مُدرَكات الفساد في القطاع العام، باستخدام بياناتٍ من 13 مصدرًا خارجيًا، بما في ذلك البنك الدولي، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والشركات الخاصة للاستشارات وحساب المخاطر، والمجمعات الفكرية وغيرها. تمثّل درجات المؤشر آراء الخبراء ورجال الأعمال.
تُراجَع عملية حساب مؤشر مُدرَكات الفساد بانتظام للتأكد من أنها قوية ومُتّسقة قدر الإمكان، وقد أجرَى أحدث تلك المراجعات في عام 2017 مركزُ البحوث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية. جميع درجات مؤشر مُدرَكات الفساد منذ عام 2012 قابلة للمقارنة من عامٍ إلى آخر. لمزيد من المعلومات، راجع هذا المقال: أبجديات مؤشر مُدرَكات الفساد: كيفية حساب مؤشر مُدرَكات الفساد.