الدول العربية تزداد سوءا على مؤشر مدركات الفساد لعام 2016
التحليل الإقليمي بقلم كندة حتر
بالرغم من مرور ست سنوات على بداية التغيير في المنطقة العربية إلا أن هذا التغيير لم يحصد بعد نتاجه على صعيد مكافحة الفساد ووضع حد للإفلات من العقاب. وكما نرى في هذا العام فإن غالبية الدول العربية لم تستطع تحقيق نتائج حقيقية تعكس إرادة الشعوب في بناء أنظمة ديمقراطية فعالة تعطي مساحة للمساءلة والمحاسبة.
وتعكس هذه الحالة من الفشل في معالجة الفساد كأمر محوري لتحقيق التنمية المستدامة درجة الدول العربية على مؤشر مدركات الفساد لهذا العام، فغالبية الدول العربية تراجعت تراجعا ملحوظا في العلامات حيث أن 90% من هذه الدول حققت أقل من درجة 50 بالمئة، وبقيت كل من دولة الإمارات العربية وقطر رغم تراجعهما فوق المعدل.
ونرى أيضا أن 6 من أكثر 10 دول فسادا هي من المنطقة العربية (سورية، العراق، صوماليا، السودان، اليمن وليبيا) بسبب انعدام الاستقرار السياسي والنزاعات الداخلية والحروب وتحديات الإرهاب والتي تؤكد على ان الصراعات والحروب تغذي الفساد وخاصة الفساد السياسي.
ما هو جيد
تونس هي من الدول التي أظهرت تحسنا طفيفا على المؤشر وذلك يعود لعدة إجراءات اتخذتها لمحاربة الفساد وأهمها إقرار قانون حق الحصول على المعلومة والذي يعتبر من أفضل القوانين الموجودة في المنطقة العربية. بالإضافة إلى تطوير قدرات هيئة مكافحة الفساد والمصادقة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ووجود مساحة مساءلة جيدة نوعا ما لمؤسسات المجتمع المدني. كما أن البرلمان التونسي صادق على مشروع قانون لإنشاء قطب قضائي مالي متخصص في قضايا الفساد الكبرى. إلا أن الطريق يعد طويلا من أجل وضع ركائز فاعلة في مكافحة الفساد وأهمها إقرار قوانين مثل حماية المبلغين عن الفساد، وتجريم تضارب المصالح والإثراء غير المشروع والإفصاح عن الذمة المالية. هذا ويحتاج القضاء التونسي إلى أن يكون أكثر شجاعة للفصل في قضايا الفساد وخاصة تلك العالقة منذ 6 سنوات بعد الثورة والتي لم يتم البت فيها بعد.
ما هو سيء
حققت بعض البلدان تراجعا حادا عن العام الماضي. فتراجع دول الخليج العربي قد يعزى إلى هيمنة العائلات المالكة على الأنظمة السياسية والاقتصادية، تقييد وقمع الحريات العامة، وعدم وجود مؤسسات مجتمع مدني نشيطة وفعالة، وانخراط الدول في تحالفات عسكرية مما يزيد من السرية وعدم الوضوح في الموازنات والصرف العام.
وسجلت قطر أكبر تراجع في كافة المؤشر بحوالي عشر نقاط، وقد يعزى ذلك – بالإضافة الى الأسباب المذكورة أعلاه - الى فضائح الفساد حول الفيفا واستضافة قطر لكأس العالم 2020 وانتهاك حقوق الانسان وبالأخص حقوق العمال الوافدين.
أما الأردن والذي أقر حزمة من القوانين كقانون الانتخاب وقانون النزاهة ومكافحة الفساد، إلا أنها لم تعكس تغييرا حقيقيا فبالرغم من تعدد قضايا الفساد التي تم التحقيق فيها منذ سنوات إلا أنه لم يبت بمعظمها، بالإضافة إلى أن هناك تقارير عديدة تشير إلى عرقلة الاستثمار من خلال ارتفاع معدلات الفساد الصغير المتمثل بالرشوة والواسطة والمحسوبية.
كما يبقى الفساد مستشريا في مصر في ظل غياب أي إرادة سياسية حقيقية وجادة لمكافحته. حيث قامت الحكومة بالتعدي على الهيئات المستقلة حين أقال الرئيس عبد الفتاح السيسي بمرسوم رئاسي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة وادانته ومحاكمته قضائيا عندما كشف عن حجم ما كلف الفساد في مصر في الاربع سنوات الأخيرة.
ما هي التحديات والحلول
تحديات المنطقة العربية عديدة ومتفاوتة في الدرجات حسب الدول لكن يمكن اختصار الحاجة إلى أنظمة فاعلة شفافة تضمن المساءلة بوجوب:
- وضع حد للفساد السياسي الذي يعتبر عاملا أساسيا في استشراء الفساد
- وجود إرادة سياسية فاعلة في تحقيق الالتزامات الدولية حسب الاتفاقيات الدولية وتعهدات الدول ضمن أهداف التنمية المستدامة
- ضمان حق حرية الرأي والتعبير والمساءلة ووضع حد للضغوط على النشطاء والمبلغين ومؤسسات المجتمع المدني
- استقلال القضاء من أجل محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة
For any press inquiries please contact [email protected]